أنواع النثرالرسائلتُعَدُّ الرسائل أحد أنواع النثر الفني؛ والرسائل نوعان: الرسائل الرسمية أو العامَّة، والرسائل غير الرسمية، وكانت الرسائل الرسمية في صدر الإسلام والعصر الأموي موجزة واضحة لا تَكَلُّف فيها، ثم أخذ كُتَّاب الدواوين في العصر العباسي يتأنَّقون في الرسائل، ومن أشهر كُتَّاب الرسائل: عبد الحميد الكاتب، وابن العميد، والصاحب بن عبَّاد، وغيرهم. أمَّا الرسائل الخاصَّة، أو الإخوانيات فهي التي يكتبها صديق إلى آخر؛ ومن أشهر كُتَّاب هذا النوع: الجاحظ وابن زيدون.
الخطابةوثاني أشكال النثر العربي هو الخطابة، فقد اهتمَّ بها المسلمون بعد الشعر؛ لأنها كلام بليغ فيه الحماسة والخيال، وكان للخطابة شأن كبير في الجاهلية وصدر الإسلام؛ فكان العرب يُدَرِّبُون فتيانهم على الخطابة منذ صغرهم، وقد ضمَّت كتب الأدب العديد من الخطب البليغة، ومن أشهر خطباء العصر الراشدي الخليفة الرابع الإمام
علي بن أبي طالب ، وقد ضمَّ كِتَاب (نهج البلاغة) خطبه ورسائله البليغة، وإن كان فيه الكثير من الخطب التي تنسب إليه ولم يقلها في الحقيقة. كما ازدهرت الخطابة في العصر الأموي؛ فكان العديدُ من الخلفاء والأمراء -
كعبد الملك بن مروان، و
الحجاج بن يوسف، وزياد بن أبيه - خطباءَ يُعَوِّلُون على الخطابة في إبلاغ الناس مقاصدهم، والتأثير عليهم في نشر مبادئهم وأغراضهم، وقد خلّف لنا هذا العصر عددًا كبيرًا جدًّا من الخطب البليغة في عباراتها، الغنية بأفكارها. وفي العصر العباسي شهدت الخطابة تراجعًا كبيرًا عن العصور السابقة، ولم يبرز من الخلفاء من عُرِفَ بالخطابة.
الأمثالفقد اهتمَّ المسلمون بالأمثال، فجمعوها وألَّفوا فيها الكتب؛ وأشهرها: (مجمع الأمثال)، للميداني
[11]، و(المستقصي في أمثال العرب) للزمخشري
[12]، وهو معجم للأمثال العربية مُرَتَّب على حروف الهجاء أوائل الأمثال.
القصة
وللمسلمين تراث ضخم في القصة، ما زال الناس يقرءونه فيبهرهم بسعة أُفقه، ولُطْف أخيلته، وغرابة أحداثه، ولعلَّ أشهر ما قيل في ذلك قصص عنتر أو عنترة، وهو أحد الفرسان السود لقبيلة عبس، وسيف بن ذي يزن من أبطال اليمن، وأبي زيد الهلالي من أبطال المغرب، والظاهر بيبرس سلطان مصر، ومن أبطال
الحروب الصليبية والمغولية.
المقاماتوفي القرن الرابع الهجري وُضِعَتِ القصص الأدبية القصيرة التي تُسَمَّى المقامات، ومن أشهر كُتَّاب المقامات بديع الزمان الهمذاني (ت 398هـ)، الذي أملى 400 مقامة، تدور حول بَطَلَيْنِ أحدهما عيسى بن هشام، وثانيهما أبو الفتح الإسكندراني، ثم ابن ناقيا (ت 485هـ)، الذي نسج على منوال الهمذاني، والحريري (ت 516هـ) الذي تناولت مقاماته مغامرات أبي زيد السروجي والحارث بن همام، وكلاهما واسع الذكاء
[13].
وعن أشهر كتب الأدب يقول ابن خلدون: "وأركانه أربعة دواوين وهي: (أدب الكاتب) لابن قتيبة
[14]، وكتاب (الكامل) للمبرّد
[15]، وكتاب (البيان والتبيين) للجاحظ
[16]، وكتاب (النوادر) لأبي علي القالي
[17]"
[18]. وهناك كذلك كتب أخرى بارزة لا يمكن إغفالها في هذا المجال، أمثال: (العقد الفريد) لابن عبد ربه (ت 328هـ)، و(الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني (ت 356هـ)، وغيرهما.