3- مدرسة النقد الظاهراتي والوجودي
1- الاساس النظري :
بدأت الاسس الفلسفية لهذه المدرسة في بدايات القرن التاسع عشر وتم تطويرها في القرن العشرين
أ*- الفلسفة الظاهراتية
اسس ادموند هوسرل هذه الفلسفة ولكنها أتخذت شكلا ذاتيا مثاليا حاول هايدغر في الفلسفة الكلاسيكية القديمة ان يقربه الى الواقع , اساس هذه الفلسفة هي دراسة الحقيقة من خلال ما يظهر للمتلقي , وتعتبر الظاهر بمثابة حقيقة الموضوعات التي تكمن خلفها . ركزت الظاهراتية على التعامل مع التجربة المعاشة والحياة الفعلية والواقع المادي الملموس, في حين تقوم فلسفة هايدغر بالتركيز على الكينونة والوجود الاصيل الذي يحققه الانسان باختياره لاسلوب علاقته بالاركان الرباعية : الارض , السماء, المقدسات , الانسان , والتي هي ثوابت اساسية في كل زمان ومكان ..
ب – الفلسفة الوجودية : كان الظوهور الاول لهذه الفلسفة هو في منتصف القرن العشرين كتعبير مباشر عن اليأس واللامعقول ولا منطقي من السيطرة على لا انسانية العالم الغربي . تستمد الوجودية اساسها الفلسفي من الظاهراتية , والمفهوم الاساسي من لغتهم هو " الوجود " ويقصد به الحياة الروحية للفرد . ولا ينكر الوجوديون وجود عالم الاشياء الموضوعي ولكنهم يعتقدون " بانه لا وجود للعالم بدون الانسان ".
كما ان حياة الفرد الفكرية تأتي عندهم بالدرجة الاولى ...
وبالنسبة لعلاقة المادة بالفكر , فان الحل المثالي يكمن في وحدتهما اذ يقول هايدغر " العالم والذات متكاملان , والاثنان ليسا لثنين ولكنهما واحد " .
ومن ابرز دعاة الوجودية : كارل باسيرز ومارتن هايدغر في المانيا
وجان بول سارتر وغابريل مارسيل في فرنسا
ويمكن ايجاز ارائهم كما يلي :
1- تعلن الوجودية العداء للعلم ولا تتبع المناهج العلمية في نظرتها للحياة .
2- تدعو لتحرر الانسان من قواعد فكرية بالية يجعل الانسان نفسه اسيرا لهل .
3- لا تتعامل بمفاهيم اجتماعية , بل تخاطب الفرد مباشرة ,
أي انها فلسفة ذاتية تحاول انقاذ الانسان من المجموع ( كما ذكر بانها احتجاج
عن عجز الانسان امام القوى الغاشمة التي قامت بالحروب العالمية )
2- أثر المدرسة الظاهراتية والوجودية في النقد الأدبي:
يستحوذ النقد الظاهراتي على مساحة كبيرة من التراث النقدي الأدبي .
يعتبر غاستون باشلار (مفكر واديب وناقد فرنسي ,
كتب في فلسفة العلوم والنقد الأدبي ),
يُعتبر من أكثر مفكري القرن العشرين عمقا وتأثيرا ,
وهو مؤسس النقد الأدبي الظاهراتي .
يرى باشلار أن على الناقد أن يكون
( ذاتيا وموضوعياً في آنٍ واحد وأن " يحلم "
مع الاثار لا أن يقتصر على " رؤيتها " بصورة جيدة ) .
تأثر باشلار في التحليل النفسي وبصورة خاصة في طروحات يونغ
" التي سيأتي ذكرها في مدرسة التحليل النفسي
" فهو يميل على الأخذ بمفهوم اللاشعور الجمعي
الذي يصنع الصور البدائية للعالم الخيالي .
وهو يتفق تماما مع النقَاد النفسيين
في عدم كفاية النقد الكلاسيكي الذي يرد الخلق
إلى ما هو شعوري في الانسان "
الذي يعتبر أن الضورة أما زمنية أو نسخة عن الواقع
وينسى الوظيفة الشعرية التي هي في جوهرها
إعطاء شكل جديد للعالم الذي لايوجد بصورة شعرية
إلا إذا أعيد تخيُّله باستمرار "
يقول باشلار " يخفي الخيال تحت إشكال لا حصر لها جوهرا ممتازا ,
جوهرا فعلا لا يحدّ من وحدة التعبير وتدرجه "
وبذا فهو يؤكد على دور الخيال في نقد العمل الفني
للوصول إلى الجوهر .
بعد ذلك هجر باشلار النقد النفسي وتقرب من طروحات الفلاسفة الوجوديين امثال سارتر
. وأخيرا توصل إلى رؤية ظاهراتية بحتة خاصة به تتلخص بما يلي :
1- عدم الأخذ بالماضي الثقافي ,
وعدم دراسة الشعر انطلاقا من قاعدة أو مبدأ فلسفي ,
لأن مثل هذا التوجه يمنع القصيدة الشعرية
من إظهار واقعها الجوهري
( في هذا تأثرا مباشرا بفكر هوسرل :
مقابلة الظاهرة وجها لوجه دون أي وسيط بين المتلقي وبينها).
2- للصورة الشعرية كيانها الخاص وديناميكيتها الخاصة ,
إذ يجب أن لا تعتير موضوعا أو بديلا عن موضوع ,
بل يجب على المتلقي أن يستحوذ على واقعها الخاص المتميز.
وقد واجه باشلار نقدا كبيرا على منهجه
لأنه أهمل الصورة الأصلية للأثر
وفي ذلك إنكار لخطوات عملية الخلق , وأنه يفصل رؤيته للعمل الأدبي عن العالم الخارجي ,
وهي رؤية تجريد عال وبما يتوافق مع رؤية هوسرل :" التوجه إلى الظاهرة ووضع العالم بين قوسين",
وله مقولات عديدة مثل " هل العالم موجود ,
أم هو حلم " تدل على توجهات مغرقة بالمثالية